صلاحية الملك والزعيم وتوفر شرائط الحكومة فيه ، وهذه النظرية حدثت بعد تقدم الإنسانية في الحضارة ، فإنّ الإدارة والحكومة تتطلب العلم بكيفية الإدارة وشؤون الحكم كما تتطلب الشجاعة والإقدام لكبح جماح المعتدين ، وهذان الأمران لا يتوفران في كلّ فرد فمن كان منهم موهوبا فهو الملك والزعيم.
الثالثة : نظرية العقد الاجتماعي ـ التي نادى بها الفيلسوف الفرنسي روسو في عصر النهضة وهذه النظرية حدثت كرد فعل للاستبداد والنظريات السابقة ، ولكن لها جذور تاريخية أيضا فإنّ أصحابها يرون اختيار الشعب للزعيم ولهم أدلة وشواهد يقيمونها على صحة هذه النظرية.
الرابعة : النظرية القائلة بأنّ الحكومة إنّما تنشأ بالقهر والغلبة ولا يخلو عصر من الأعصار عن مثل هذه الحكومة خصوصا في الأقوام البدائية والعصور القديمة وما بعدها.
هذه هي أهم النظريات في الحكومة والإدارة وقد الّفت كتب كثيرة فيها وأقيمت الحجج على صحة كلّ واحدة منها.
ولكن الحق أن يقال : إنّ أصحاب كلّ نظرية من تلك النظريات إن أرادوا منها العلية التامة المنحصرة بحيث يمتنع تخلف المعلول عن العلة فالفرض بعيد في غالب ما ذكروه ، وإن أرادوا بيان مجرد الاقتضاء فإنّ الجميع صادق ، إذ يمكن أن يكون لشيء واحد مقتضيات كثيرة وحيث إنّ العالم الذي نعيش فيه عالم الأسباب وقد أبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها فلا بد من انتهاء الجميع إلى مشيته وإرادته بنحو القضاء والقدر ، والأديان الإلهية والكتب السماوية تحكم بأنّ السبب هو الله تعالى قال عزوجل : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران ـ ٢٦] ، وقال تعالى :
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص ـ ٦٨] ، ولكنّ ذلك لا ينافي أن يتحقق ما أراده الله تعالى بسبب من الأسباب الظاهرية. ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي