في هذه الثلاثة ما لم يعلم الكذب وهو موافق للقاعدة النظامية المذكورة في الفقه من أنّ «كلّ من استولى على شيء فقوله معتبر فيما استولى عليه» ولهذه القاعدة موارد كثيرة في فقه المسلمين.
الرابع : قوله تعالى : (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يدل على أنّ الحكم وهو وجوب حفظ أنفسهنّ في العدة وحرمة كتمانهنّ لما في الأرحام من لوازم الإيمان فلا استغناء عنه وفيه الزجر الشديد.
ويستفاد منه الردع الأكيد عن عادة كانت متبعة بينهنّ قبل نزول الآية الشريفة وأنّها مخالفة للإيمان.
الخامس : يدل قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) على كمال عطفه وشدة اهتمامه عزوجل ببقاء العصمة الأولى حيث عبّر تعالى. «بردهن» دون غيره ، فجعل للزوج حق الرد باعتبار الحالة التي قبل الطلاق فكأنّها لم تقطع ، ولاحق للمرأة في المعارضة ولا منافاة في ذلك مع القول بأنّ للزوج حق في المطلقة ولسائر الخطاب حق أيضا ولكن الرد لا يتحقق إلا مع الزوج الأول في العدة.
ويستفاد من هذه الآية الشريفة رجحان المراجعة وحسنها ، ويدل عليه العدول عن التعبير بالزوج إلى البعولة لإخراج غير المدخول بها وللترغيب في المراجعة وتذكر الحالة السابقة والعصمة الأولى.
السادس : يستفاد من تعقيب الآية المتقدمة بقوله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أنّ رد الرجل امرأته إلى حبالته وعصمته على ما يريده الله تعالى إنّما يتحقق بإرادة الإصلاح وهي القيام بحقوقها ويلازم ذلك قيام المرأة بحقوق الزّوج فذكر سبحانه وتعالى حقّ كلّ واحد منهما على الآخر وأجمل في ذلك بعبارة فصيحة وهي بإيجازها تشتمل على جميع ما ينبغي ذكره في هذه الحالة ثم أرجع ذلك إلى العرف المتداول في كلّ مجتمع.
السابع : يستفاد من تكرار المعروف في هذه الآيات المباركة ـ فقد ذكر فيها اثنتا عشر مرّة ـ حجية العرف كما عليه المحققون من الفقهاء (قدس الله أسرارهم).