وظاهر الآية الشريفة أنّ عدمهما مختص به عزوجل ، أي نفي ذاتهما مطلقا بجميع مراتبهما الممكنة فيهما.
وأما غيره تعالى فإنّه لا دليل من عقل أو نقل على انحصار حقيقة النوم والسّنة فيما يعرضان للحيوان فقط ، بل لهما مراتب كثيرة لا يعلمها الا علّام الغيوب ، ومن تلك المراتب ما نسب إلى نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «تنام عيني ولا ينام قلبي»وقد رأينا بعض المشايخ أنّه (رحمهالله تعالى) في أثناء بحث التفسير ينام مع أنّه كان مشغولا بالبحث حين النوم بلا خلل منه في البين.
فالقيوم الذي له القيومية الفعلية على ما سواه من كلّ جهة ، والممكن الذي هو زوج تركيبي له ماهية ووجود شيئان لا وجه لقياس أحدهما بالآخر.
مع أنّ للسّنة والنوم مراتب كثيرة ونفي جميعها منحصر به تعالى كما أثبتناه سابقا.
وأما العقول وبعض الروحانيين وسادات الملائكة ، فإنّ نفي بعض المراتب عنهم لا يستلزم نفي الجميع كما هو معلوم.
مع أنّ المقهورية المطلقة لما سواه عزوجل من أعظم أنواع النوم لجميع الممكنات. نعم ، من كان حياته بحياته وأفنى جميع شؤونه في مرضاته بحيث لا يرى لنفسه ذاتا ولا صفة ولا فعلا وقد وصل إليه كتاب كريم من الحيّ القيوم إلى الحيّ القيوم كما في بعض الروايات فهو خارج عن موضوع ما يكتب وما يختلج في الأوهام ولكنه مع ذلك كلّه بالنسبة إلى الأبد لا بالنسبة إلى الأزل فارتفع الوفاق وحصل الافتراق.
الثامن : قد أهمل تعالى إفاضة ما يفيضه من العلم وعلّقه على مشيته وإذنه تعالى ، إذ لا يحتمل البيان غير الإجمال لأنّ إفاضة العلم منه عزوجل على أقسام :
الأول : أن تكون الإفاضة من سلسلة العلل الطولية حتّى تنتهي إلى ذاته