الثالث : يدل قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) على قبول قولهنّ في إخبارهنّ بما في أرحامهنّ من الحمل ، والحيض ، والطهر. ولا يختص الحكم بخصوص الحمل كما ذكره بعض الفقهاء لأنّ هذا الزجر الشديد يناسب أن يكون على كتمان الحمل ولكن إطلاق اللفظ يشمل جميع ما ذكر.
الرابع : يدل قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) أنّ الزوج إذا طلب الرجوع لا حق للمرأة في معارضة البعل في ردها.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) أنّ طبيعي الطلاق على نوعين نوع يجوز للزّوج المراجعة في العدة ورد الزوجة إلى العصمة الأولى ، والنوع الآخر لا يجوز للزوج رد الزوجة حتى تنقضي العدة فلا بد من عقد جديد حينئذ.
السادس : يدل قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) عدم جواز استرداد المهر من الزوجة لأنّها تملك صداقها بمجرد العقد الصحيح الجامع للشرائط وإن استقرت ملكية التمام بالدخول.
وبالجملة : إنّ التصرف في صداقها بدون رضاها يكون تصرفا في حق الغير بدون الإذن وهو حرام بالأدلة الأربعة كما قرّرناه في كتاب الغصب من (مهذب الأحكام) وأما مع الرضا وطيب النفس فلا بأس به لكونه حلالا كما في قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء ـ ٤].
السابع : يدل قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) على مشروعية طلاق الخلع ويفترق عن غيره من أقسام الطلاق بأنّ الأول إنّما يشرع إذا كان نفرة من الزوجة للزوج وبذلها الفداء عوضا عن الطلاق ، ويدل على كلا الأمرين قوله تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) ويصح الفداء بكلّ ما يتموّل قليلا كان أو كثيرا ، كان بقدر المهر أو أنقص أو أزيد.