عن امتي الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، واضطروا إليه» مقتبسا من هذه الآية الشريفة وأمثالها من الآيات الواردة في الخطإ والنسيان وكيف كان فهي تبيّن حقيقة من الحقائق القرآنية التي ابتنى عليها الإسلام كما تقدم.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) أنّ كلّ ما ورد في الشرع المبين إنّما هو إرشاد إلى حكم الفطرة والعقل كحسن الإحسان وقبح الظلم اللذين هما من المستقلات العقلية التي يحكم به كلّ ذي فطرة سليمة فما ورد في الشرع في سياق ذلك يكون إرشادا إليه وتصحيحا للثواب والعقاب ، وتنطوي في ذاك جملة كثيرة من الأحكام ، فهذه القاعدة كقاعدة شكر المنعم من أمهات القواعد العقلية المقرّرة في جميع الشرائع الإلهية تبتني عليها جملة من أبواب العلوم الإسلامية وتدل القاعدة المزبورة على أنّ جعل القانون بالجبر والإكراه ظلم وهو قبيح بالنسبة إليه جلّت عظمته ولكن لا بد من بيان طرق الخير وطرق الشر أولا ثم جعل القانون للمكلّف المختار ، والأمر الأول يتكفّله العقل والفطرة ، وهما مع الإنسان حدوثا وبقاء والأمر الثاني تتكفّله الشرايع الإلهية.
ولعلّ أحد أسرار ابتلاء آدم (عليهالسلام) بالمعصية إثبات التمييز بين الطريقين إتماما للحجة على الناس وتحذيرا لهم عن المخالفة ومتابعة الوسواس الخناس ، والا فأيّ مناسبة بين سجود الملائكة أجمعين وعصيان ربّ العالمين ، فهو إعلان للعصيان لمصالح كثيرة لا أن يكون قد صدر من آدم (عليهالسلام) معصية حتّى صغيرة فيكون من قبيل إنامة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) عن صلاة الغداة لتوسيع الأمر على أمته رأفة منه عزوجل على عباده.
الرابع : ذكرنا أنّ المراد بالعروة الوثقى هي جميع كمالات الإنسان مطلقا وهي تارة تكون عرضا قائما بالغير كالاعتقادات الحقة الحاصلة لأهل الإيمان والقرآن الكريم بهذا الوجود الخارجي الواقع بين الدفتين.
وأخرى : يكون جوهرا قائما بالذات كسيد المرسلين (صلىاللهعليهوآله) ومن يتبعه في العلم والعمل الدين وردوا بحر المادة وخرجوا منه ولم