فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٦٩) وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١) لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤))
الآيات الشريفة تبيّن ما يتعلّق بالإنفاق من فضله ، وموضوعه ، ومورده ، والغرض منه ، وكيفيته ، وبعض شروطه وآدابه ، وهي أجمع آيات وردت في هذا الموضوع.
وقد حث الله تعالى الناس على الإنفاق في سبيل الله بضرب الأمثال والتحريض على الإخلاص فيه فضرب أولا المثل لزيادته ونموه وبيّن أنّه جلّت عظمته يضاعفه إلى سبعمائة أو أزيد كما في مثال السنبلة.
ثم نهى سبحانه وتعالى عن الإنفاق للرياء أو الإنفاق لغرض الأذية والمنّ فذكر أنّه لا ثمرة فيه ولا يوجب الزيادة وضرب لذلك مثل الصفوان الذي عليه تراب فإذا أصابه المطر أزاله ، كذلك الإنفاق إذا عقبه المنّ والأذى فإنّهما يوجبان زوال الأثر منه ويحبطان عظيم أجره.
كما ضرب مثلا ثالثا لمن ينفق أمواله في سبيل مرضاة الله تعالى واعتبره كالجنة التي تكون فوق مرتفع يصيبها المطر فإنّها تنمو وتزداد بهجة وسرورا.
ثم حث على الإنفاق في سبيل الله مرّة أخرى وضرب لذلك مثلا يصوّر فيه الإنسان في غاية الحاجة والإعواز.