أسماء الذات الحقيقية.
والأول : عام بالنسبة إلى جميع جهات الكمال فلا يختص بشيء ويمكن إرجاعه إلى نفي الإمكان وفي بعض الدعوات المأثورة «يا من يستغني من كلّ شيء ولا يغني عنه شيء» فهو تعالى غنيّ ملكا وعلما وقدرة وحكمة وتدبيرا إلى غير ذلك من صفات الجلال والجمال.
وأصل الحلم : ضبط النفس عن هيجان الغصب ويطلق على غير الله تعالى قال جلّت عظمته : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة ـ ١١٤].
وإذا اطلق عليه تعالى يراد عدم التعجيل في عقوبة العصاة ، لأنّه لا يستخفّه شيء من عصيان العباد ولا يستفزّه الغضب عليهم.
وفي تعقيب الآية الشريفة بهذين الاسمين الشريفين للدلالة على أنّه غنيّ بالذات ـ وما سواه يرجع إليه ولا يعظم عليه ما أنعم على عباده ـ فلا يطلب صدقة يتبعها أذىّ لعباد الله أو أنّ جزاء الصدقة يرجع إليهم فإنّه مع غناه يستقرض من عباده الصدقة لأجل مصالحهم وتطهير نفوسهم يغني من يشاء من عباده فهو الجواد ولا يبخل عن شيء حليم لا يعجل في عقوبة المسيء إليه ، ففيها دلالة على لزوم التخلق بأخلاقه سبحانه وتعالى في إعطاء الصدقة.
وفي الآية الشريفة تسلية للفقراء عما يكابدون من الفقر ، وإرشاد للأغنياء إلى نبذ الانتقام والتحلّي بالعفو والمغفرة.
٢٦٤ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى).
أي : لا تحبطوا صدقاتكم بالمنّ والأذى فإنّ رذيلة المنّ والأذى ومفسدتهما تذهبان فضيلة الإنفاق وتهدمان الغاية الشريفة منه.
وفي الآية التأكيد على الابتعاد عن هاتين الرذيلتين ، والمبالغة في التنفير عنهما والحث على تركهما.