صحيحا عن رغبة مقصودة لذاتها ، فلو نوى بالتزويج التحليل أي : إحلال الزوجة للزوج الأول كان زواجه غير صحيح ولا تحلّ به المرأة إذا هو طلقها بل هو معصية لقول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «لعن الله المحلل والمحلل له».
ويمكن المناقشة في ذلك : بأنّ الآية المباركة لا تدل على ما ذكروه بل هي أجنبية عنه ، والحديث ـ على فرض اعتباره ـ إرشاد إلى ترك ذلك منهما لا أن يكون النّهي عنه نهيا تحريميا وعلى فرض كونه كذلك فإنّهم لا يقولون بأنّ النّهي في غير العبادات يوجب الفساد والنّكاح ليس بعبادة محضة ، فلا فرق في النكاح بين أن يكون بنية التحليل إذا حصل قصد النكاح الدّائم الصحيح الجامع للشرائط. نعم ، إذا لم يحصل قصد أصل النكاح الدائم يبطل من هذه الجهة.
قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا).
المراد بالتراجع : هو العقد وقد كنّى به عنه ، وهو يختلف عن الرجوع الذي كان حقا للزوج في التطليقتين الأولتين بأنّ التراجع إنّما يكون بين اثنين فلا بد من التوافق بينهما بخلاف الرجوع.
والمعنى : فإن طلّقها الزّوج الثاني طلاقا صحيحا يوجب انقطاع العصمة بينهما فلا جناح أن يتراجع الزّوجان إلى الحياة الزوجية بعقد شرعي ويستأنفا تلك الحياة الجديدة برغبة منهما مع حسن المعاشرة بينهما وإلغاء الحزازات السابقة ، فالتراجع مشروط بذلك. ويلحق بطلاق الزّوج الثاني موته ، لأنّه يوجب انقطاع العصمة بينهما كالطلاق.
قوله تعالى : (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ).
أي : أنّ التراجع بينهما والرجوع إلى الحياة الجديدة مشروط بما إذا ظنّ كلّ واحد من الزوجين أن يقوم بحقوق الآخر وهي حسن المعاشرة والإخلاص وسلامة النية ونحوها التي هي حدود الله تعالى التي كتبها في مثل هذه الحياة والا فالرجوع مرجوح وإن كان العقد صحيحا إن وقع جامعا للشرائط.