ومن مظاهرها أيضا الدّين ومعرفته والتفقه فيه فإنّ الدّين هو القانون المتكفل لجميع مطالب الإنسان من حين نشأته إلى ما بعد مماته وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إنّ الله آتاني من الحكمة مثل القرآن وما من بيت ليس فيه شيء من الحكمة الا كان خرابا ألا فتعلّموا وتفقهوا ولا تموتوا جهالا».
ومن أجلّ أفراد الحكمة وأعظمها شأنا معرفة الله الواحد الأحد المتفرد الصمد. فهي بحسب المبدإ هو الجهد الأكيد في التصدّي لمرضاة الله الحكيم ، وبحسب الغاية لذة روحانية مفاضة من الغيب العليم ، ويلزم الإحاطة بحقائق الأشياء على قدر طاقة الإنسان ولأجل هذا تطلق الحكمة على تلك المعلومات الحقة الصادقة ويسمّى العارف بها حكيما إلهيّا أو متألها.
وبالجملة : هي الخير الكثير كما وصفها به عزوجل ، وفي الحديث : «إنّ في الجنة دارا ـ ووصفها ثم قال ـ لا ينزلها الا نبي أو صدّيق أو شهيد أو محكّم في نفسه».
ومن الحكمة ما تكون فطرية إفاضية من عالم الغيب ، ومنها : ما تكون اكتسابية تكتسب بالمجاهدات والرياضات الشرعية ، ومنها ما هو مركب منهما.
ومن الحكماء من اجتمع جميع أنواع الحكمة فيه وهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه بكلّ معنى الصدق والوفاء ، فشرح الله صدورهم بكلّ معنى الانشراح ، تشتاق إليهم الجنان العاليات وهذه هي إحدى مراتب الحكمة وقس عليها سواها.
ولكن للحكمة مرتبة خاصة محجوبة عن البصائر والأفكار لا تليق الا لمن يقدر على تحمل الأسرار ، ويشهد لما قلناه شواهد من العقل والآثار والأخبار ، كما أنّها ليست منحصرة بالبحث والنظر والفكر فقد تحصل للنفوس المستعدة من إفاضات الباري فعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «إذا رأيتم المؤمن سكوتا فادنوا منه فإنّه يلقي الحكمة» وعنه (صلىاللهعليهوآله) : «اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله».