وهي الحياة الحاصلة من الإضافة إلى الحيّ القيوم والملك القديم الديموم تلك الإضافة الإشراقية أو الإضافة التشريفية ، فإنّ الإضافة إلى القيّوم المطلق تجذب المضاف من المادة إلى الحق ، وتهيؤه للسفر من الحق إلى الحق ، ويشتد ذلك ويضعف باشتداد تلك الإضافة وضعفها. وربما يكون أسرع من طرفة عين وربما يبطئ كثيرا لموانع في البين ، وهي كلّ الأشياء فما ذا وجد من فقدها وماذا فقد من وجدها.
الثاني : إنّما أطلق عزوجل «سبيل الله» ليشمل كلّ سبيل موصل إليه تعالى بلا اختصاص له بمورد خاص أو مخصوص ، وينطبق على كل ما لم يكن منهيا عنه شرعا ويوجب كمال الإنسان بالكمالات المستفادة من الكتاب والسنة ، ويشترط في كونه سبيل الله إحراز رضاء الرب والإنفاق في سبيل الله إنّما يكون له صفة الديمومة والبقاء لإضافته إلى الله تعالى الأزلي الأبدي ، وفي غير هذه الصورة يكون الإنفاق هباء منثورا.
الثالث : إنّما أضاف سبحانه الأموال إلى الناس في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) مع أنّ المال في الواقع والحقيقة له عزوجل لأنّه المنعم عليهم ، لتقرير الملكية الدائرة بين الناس ، ولإثبات التجارة الرابحة فينفقون أموالهم لله تعالى وهو عزوجل يعوّضهم بأجزل ثواب وأعظم أجر فيكون إعلانا للاسترباح عن سلطان لا حدّ لسلطانه وملكه ، وبشارة للبذل والعطاء عن جواد لا نهاية لجوده وكرمه.
الرابع : إطلاق قوله تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) يشمل الدنيا والآخرة في الكم والكيف أو هما معا ، كما أنّه تعالى لم يقيّد ما ضربه من مثل السنبلة في الدنيا والآخرة فهو شامل لهما.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) أنّ الإنفاق في سبيل الله الجامع للشرائط والفاقد للموانع يستلزم النماء والأجر والثواب ، بل تدل الآيات الشريفة على أنّ كلّ ما يصدر من العبد في مرضاته عزوجل ـ قولا كان أو عملا أو مالا ـ في الدنيا لا بد أن يظهر في