ويترتب الثواب على الإنفاق المكروه بعد ما كان أصل الذات محبوبا وهو ليس بعادم النظير مثل الصلاة في الأمكنة المكروهة والأزمنة المكروهة.
الثالث : إطلاق قوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللهِ) يشمل القصد التفصيلي وهو معلوم لكلّ أحد والقصد الإجمالي الارتكازي كما إذا قصد الشخص أنّ كلّ ما يفعله من الأفعال المباحة في زمان معيّن يكون لله تعالى ثم فعل فعلا غافلا عن هذا القصد لكن كان بحيث لو التفت إليه لكان بانيا على قصده فهذا أيضا من قصد سبيل الله.
ويكفي قصد سبيل الله عن النائب والوكيل في تحقق الثواب ما لم يتحقق المنّ والأذى فإنّهما يهدمان العمل ويبطلانه بل قد يحرم الإنفاق حينئذ لاشتماله على إيذاء الغير وهتكه.
ولا فرق في المنّ والأذى بين ما إذا كان بعد الإنفاق بلا فصل أو معه ، كان بعنوان المنّ والأذى أو لم يكن ولكن انطبق العنوان عليه.
الرابع : إيذاء المؤمن والمنة عليه يجتمع فيه حق الله تعالى وحق الناس ، لكثرة ما ورد في السنة الشريفة من عناية الله تعالى بشأن المؤمن فلا يكفي فيه مجرّد الاستغفار والتوبة ما لم يجلب رضاه.
الخامس : إطلاق قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) يشمل ما إذا حصلا من صاحب المال أو من وسيطه كالوكيل والنائب عنه ، لأنّ المستفاد من مجموع الآية الشريفة أنّ ذاتهما مبغوضتان ومن رذائل الصفات وخبائث الأخلاق مطلقا فالنّهي يشمل الجميع. ولكن لو قصد الموكل القربة ومرضاة الله تعالى وتنزه عن المنة والأذية ، وقصد الوكيل المنة والأذية أثم الوكيل من دون أن يمحق ثواب أصل العمل.
السادس : تجب الإعادة في الصّدقات الواجبة لو كانت بعنوان المنّ والأذى ولا تجزي لقوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) والنّهي في العبادة يوجب الفساد كما ثبت في محلّه راجع كتابنا (تهذيب الأصول).
السابع : يستفاد من قوله تعالى : (كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ)