ولا يخطر في باله غير رضاء الرب وفيها قال عليّ (عليهالسلام) «اعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك واحذره أن يراك حيث نهاك».
وإنّها إذا استولت على القلب فلا يشغله شاغل من الشواغل المادية الدنيوية ولا يمنعه مانع من الإنفاق في سبيل الله تعالى فإنّ الخلق كلّهم عيال الله عزوجل.
والعبودية الحقيقية إضافة بين المعبود والعابد وهي دواء لجملة من الأمراض النفسانية الروحانية وفيها سرّ الخلوص والإخلاص.
والعبد يبذل المال اليسير والإنفاق في سبيل الله يرتبط بذلك مع عالم لا نهاية لعظمته ولا حدّ لجهة من جهاته فيتضاعف بنفس الإضافة التشريعية أضعافا مضاعفة لا في الدنيا فحسب بل في كلّ عالم يظهر فقر الإنسان الذاتي من كلّ جهة ، ولو أردنا بيان الأدلة السمعية والشواهد العقلية لطال المقام.
فالإنفاق إما لأجل حبّه من حيث هو كمال للإنسان كان الإنسان جوادا بنفسه أو لأجل رضاء الله تعالى أو لأجل حب المنفق عليه حبا يرجع إليه عزوجل فجميع ذلك يرجع إلى نفس العبد المنفق ويكون كمالا له ويستكمل به استكمالا حقيقيا تتبعه السعادة الأبدية وهي غاية خلق الخليقة وتلزم ذلك السعادة الدنيوية والكمال الدنيوي الزائل فلا استكمال الا بالإضافة إلى الحيّ القيوم وكلّ من أهمل ذلك أهمل غاية خلقه وسعى في تعطيلها وتضييعها.
والإضافة إلى الله تعالى لا بد أن تكون عن طريق الوحي المبين المنزل على سيد المرسلين ، كما أنّ أصل العمل المضاف إليه يجب أن يكون كذلك وإليه تدعو جميع الآيات والسنة المقدسة والأدلة العقلية.
وبذل المحبوب في مرضاة المحبوب من طرق إثبات خلوص المحبة وصفاء المودة ، ويتضاعف ذلك حسب تضاعف عظمة المبذول له وأهميّة الوصول إلى قربه ورضوانه ، ونفس هذه الإضافة توجب للباذل درجة رفيعة مع قطع النظر عن سائر الجهات ولذلك أجمل سبحانه وتعالى قوله : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) وقوله تعالى : (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [البقرة ـ ١١٠] ، فالعين