وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
يعني : إنّ الذين صدّقوا بالله جلّ شأنه ورسوله وما انزل عليه وعملوا الأعمال الصالحة التي تهذب نفوسهم وتهديهم إلى سبيل الرشاد وأقاموا الصلاة التي تذكرهم بالله تعالى وتزيد في مراقبتهم لربهم وآتوا الزكاة التي تطهّر نفوسهم من رذائل الأخلاق وتحلّيها بفضائلها أولئك لهم أجرهم الذي لا يعلم مقداره وخصوصياته الا الله تعالى محفوظ عنده يرعاه ويزيده ويضاعفه أضعافا مضاعفة ولا خوف عليهم من المتوقع ولا هم يحزنون على ما وقع فهم آمنون في جميع ما يرد عليهم من العوالم.
وإنّما خص سبحانه وتعالى الصلاة والزكاة بالذكر مع أنّهما بعض الأعمال الصالحة تعظيما لشأنهما فإنّهما من أعظم العبادات البدنية والمالية والنفسية.
وفي الآية المباركة بشارة للمحسنين المتصدّقين ، وتعريض بآكلي الربا ، ومضمونها حكم عام ينطبق على المورد انطباق الكلّي على الفرد كما أنّه قضية عقلية مقدم الآية علّة لمؤخرها ، وبينهما الملازمة العقلية والشرعية.
وتخلل هذه الآية المباركة بين الآيات الواردة في شأن الربا للإشارة إلى أنّ التكاليف الإلهية كلّها واحدة في استكمال النفس ، فالمناط كلّه إقامتها وإتيانها بالشروط المقرّرة ، وأنّ ترك المحرمات ومنها الربا من أهمّ شرائط القبول.
٢٧٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
خطاب آخر فيه التأكيد الأكيد على ترك الربا ، ووصف المخاطبين بالإيمان ، لأنّه الداعي إلى التصديق بالله ورسوله والالتزام بتنفيذ التكاليف الإلهية ، وأنّ المؤمنين بشرف إيمانهم تشرّفوا بالمخاطبة فكانت لهم قابلية الخطاب وبذلك تتم الحجة على الناس ، مع أنّ العقل بعد التأمل والتفكر