الصّدقات وتنميتها ، فإنّ الله تعالى قادر على جميع ذلك ، ويستفاد ما ذكرناه من مفهوم قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف ـ ٩٦] ، وفي السنة المقدّسة من ذلك الشيء الكثير.
والتنمية والبركة والمحق مما يدركه الناس ومحسوسة لكلّ فرد فإنّ المسألة اجتماعية أكثر من كونها فردية وعمر الاجتماع يفترق عن عمر الفرد مع أنّ آثار المعاصي وإن كانت خفية على الناس ولكنّها ظاهرة لذوي البصائر ومن انكشفت لديهم السرائر ، يضاف إلى ذلك أنّ من أمعن النظر في الاجتماع الإنساني المعاصر يرى أنّ الآثار اللازمة للربا التي نبه إليها القرآن الكريم قد ظهرت فقد تجمعت الثروة التي جعلها الله تعالى للنوع وتراكمت في جانب وحل الفقر والحرمان في جانب آخر وشاع الفحشاء والمنكر وظهر الانفصال والافتراق بين الطائفتين الموسرين والمعسرين ، وهذا ما ينذر بالخطر إن لم يتداركه عقلاء البشر ولكن أنّى يكون مع استيلاء الفساد وهيمنته على النفوس.
قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).
الكفّار فعال من الكفر ، أي : المقيم عليه المتمادي فيه. والأثيم المبالغة في الإثم ، أي : المنهمك في ارتكاب الآثام.
يعني : أنّ المتعاطي للربا والتارك للصّدقات قد كفر بما أنعم الله عليه من نعمة المال الحلال ، ونعمة الأحكام الإلهية التي نزلت لسعادته فإنّ ترك الواجب وفعل الحرام كفران للنعمة والمداومة عليه قد يوجب الكفر ، وكفره بالإعراض عن الفطرة المستقيمة في المعاملات ، وكفره بإبطال عباداته ومعاملاته بأخذه الربا ، وكفره بالابتعاد عن مكارم الأخلاق ومزاولة سفاسفها ، كالحرص والطمع ، فلأجل كفران هذه النّعم الكثيرة التي أنعمها عليه ، فقد استقر في نفسه ارتكاب الآثام فهو كفّار أثيم والله تعالى لا يحبه. ويستفاد من الآية الشريفة التعليل لمحق الربا وتحريمه.
٢٧٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ