الأموال الحاصلة من الربا كأن لم تكن فإنّ لله تعالى جنودا من أنواع البلايا والمحن.
كما أنّ محاربة الله مع المرابين لا تختص بخصوص المقاتلة وإزهاق النفوس بل تشمل الجميع ، وكذا إرباء الصّدقات لا يختص بزيادة الأموال بل تشمل البركة وكلّ ما فيه الخير والنفع ، فالصدقة ربا في الواقع وإن لم يصطلح عليها الربا وإنّ الربا ممحوق لا محالة وإن سمي ربا في الظاهر.
التاسع : يدل قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) على ثبوت أصل الملكية وتقريرها بين الناس وإمضاء جميع المعاملات والتكسب بالأموال ما لم يكن منهيّا عنه شرعا فإنّ المال إنّما يكون رأسا إذا صرف في وجوه المعاملات.
كما أنّ قوله تعالى : (لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) يدل على أنّ الرّبا ظلم يجب الابتعاد عنه بفطرة العقول.
العاشر : يدل قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) على إيجاد المراقبة في النفس وعلى الأعمال التي هي أساس الإيمان وأصل التقوى فإنّ الإنسان لا يبلغ العبودية الحقيقية الا بالمعية الانقيادية لله تعالى والانقطاع عما سواه وبها تتم الإنسانية الكاملة التي هي السعادة الأبدية وهي التي يدعو إليها الله تعالى وجميع الأنبياء والعقل المجرد عن شوائب الأوهام ، فالآية الشريفة بمضمونها الرفيع واسلوبها الجذاب تدعو إلى الكمال المطلق وحقيقة العبودية وهي المراقبة والانقياد وبهما تتحقق التقوى التي ينادي بها القرآن الكريم.
الحادي عشر : يدل قوله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) على العدل الإلهي الذي أثبتوه بالأدلة الأربعة.
الثاني عشر : لم يبدأ الله تعالى الخطاب في قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) بمثل يا أيّها الذين آمنوا ، أو يا أيّها الناس لأنّ الخطاب فيه إنّما هو لبيان انقلاب العوالم والترتب الواقعي بين العلل والمعلولات وكلّ