يلي الأرض إلى السماء وبلغ شعاعها تخوم العرش فعند ذلك نادت الملائكة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذل وكبّره تكبيرا فقال له : جعلت فداك أحافظ على هذا الكلام عند زوال الشمس؟ فقال : نعم حافظ عليه كما تحافظ على عينك».
وسيأتي شرح الرواية في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى. وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) في الصحيح : «إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان واستجيب الدعاء فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح».
قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
مادة (قوم) تدل على الثبوت والعزم والاستقامة والرعاية والحفظ وقد ورد جميع ذلك في الآيات الشريفة المتعدّدة ، كما يأتي إن شاء الله تعالى والمراد به هنا ما يكون عن استقامة وتثبت.
وأما مادة (قنت) فقد وردت في القرآن كثيرا بهيئات مختلفة منتسبة إلى الرجال تارة وإلى النساء أخرى وإلى مخلوقاته وموجوداته ثالثة وكلّها مقرونة بالمدح والتمجيد ، قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [النحل ـ ١٢٠] ، وقال تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) [الزمر ـ ٩] ، وقال جل شأنه : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ) [آل عمران ـ ٤٣] ، وقال تعالى : (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) [الأحزاب ـ ٣٥]. وقال تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [البقرة ـ ١١٦]. فإنّ جميع الموجودات تتصف بالقنوت له جلّت عظمته لأنّ كلّ مربوب قانت وخاضع لربه.
وأصلها ينبئ عن خضوع خاص يكون مظهرا للعبودية ، وما ذكره المفسرون واللغويون من الدعاء ، والعبادة ، والخشوع ، والصلاة ، والسكوت ، وطول القيام كلّ ذلك من المصاديق لا أن تكون معاني مستقلة في حدّ نفسها ، فلا يكون من مشترك اللفظ أو المعنى.