وقد اطلق على السكوت ، كما في حديث زيد بن أرقم : «كنا نتكلم في الصلاة حتّى نزلت : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمسكنا عن الكلام». ولكنّه سكوت خاص بقرينة قوله (صلىاللهعليهوآله) : «إنّ هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الآدميين إنّما هي قرآن وتسبيح».
والقنوت من أفضل مقامات العبودية وله مراتب كثيرة شدة وضعفا.
والمراد به في المقام : الخضوع والخشوع الخاص ، كما يأتي في البحث العرفاني.
والمعنى : اشتغلوا بطاعة الله عزوجل طاعة خضوع وخشوع مخلصين له لا تغلبكم زخارف الدنيا وزبرجها.
ولا يختص القيام لله تعالى والقنوت له جلّت عظمته بحالة دون أخرى بل يجريان في جميع الحالات لا سيّما في العبادات فإنّهما روحها ولا ينال العبد سرّ التوحيد إلّا إذا كانت جميع أعماله الجوانحيّة والجوارحيّة بل تمام حركاته لله تعالى ، فيكون مسيره من الحق إلى الحق ، ويخرج عن الفقر إلى الغنى المطلق ، ويتنزه عن كلّ ما يوجب البعد عنه تعالى حتّى يكون جل شأنه سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، كما ورد في الحديث ، لأنّه قام في الحق بالحق للحق.
٢٣٩ ـ قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً).
الخوف : توقع المكروه ، ورجال جمع راجل كقيام جمع قائم وأصحاب جمع صاحب ، وهو الكائن على رجليه في مقابل الركبان الذي هو جمع الراكب كفرسان جمع فارس ، وكل شيء علا شيئا آخر فقد ركبه.
والآية الشريفة عطف على الآية السابقة وهي بمنزلة الشرط لها أي : حافظوا على الصّلوات إن لم يكن هناك خوف والا فتتقدر المحافظة بقدر الخوف ، فأدّوا الصّلاة حينئذ رجالا أو ركبانا.
وهذه الآية المباركة تكشف عن الأهمّية البالغة التي ينظر بها سبحانه وتعالى إلى الصّلاة والمحافظة عليها ولا تسقط حتّى في ساعة الخوف