نستشف مما مضى ، ان خيرية الأمّة لم تتحقق ، لانتفاء الشروط التي وضعها الله تعالى ، لتكون خير الأمم ، وبالتالي ، انحرفت كالأمم السابقة وكما أشار الى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث تكالبت الامم على هذه الأمّة وتداعت عليها كالأكلة على قصعتها على حد تعبيره صلىاللهعليهوآله. ومن المعلوم ، ان من أسباب تسمية الله سبحانه وتعالى للأمّة الاسلامية ب«خير الأمم» لكون رسولها صلىاللهعليهوآله خير الرسل إطلاقاً ، فمن البديهي ان هذه الأمّة خير أمّة ، مادام نبيها خير الانبياء قاطبة ، وهي آخر الامم وخاتمتها ، اذ يقول صلىاللهعليهوآله : «أنا آخر الانبياء وأنتم آخر الأمم» وكونه خاتم النبيين إحدى خصائصه (١).
غير ان هذا لا يفرض أن يكون الصحابة وهم جزء من الأمّة ، ذوي عدالة مطلقة ولا يكذّبون على الرسول صلىاللهعليهوآله كما يقول أهل السُنّة.
الصحابة وأهل الايمان
من المعروف ان أفضل الناس على الاطلاق بعد الرسول ـ في رأي أهل السُنّة والجماعة ـ هم الصحابة ثم التابعون ، وذلك لاحاديث كثيرة يروونها عن النبي صلىاللهعليهوآله تثبت ذلك.
غير اننا ـ بعد التحقيق والتدقيق في هذا الادعاء ـ توصلنا الى أن رسول الله لم يكن قد فضّل الصحابة على غيرهم ، بل العكس ، فهو يعتبر الصحابة كغيرهم من المسلمين وليست هناك أية مزايا تفضّلهم على الآخرين إلا البعض منهم ، والادهى من ذلك ، هناك مِنَ المسلمين من يفوق الصحابة إيماناً وفضلاً وسموّاً. فذات يوم ، قال رسول
__________________
(١) سنن إبن ماجة ـ رقم الحديث ٤٠٧٧.