القتال ، وهم عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة ، بالرغم من اعترافهم بفضله ومنزلته الرفيعة وعدم معاداته والاصطفاف إلى جوار اعدائه ومحاربيه أبداً ، فلم يرغمهم على البيعة له وإنما تركهم أحراراً في اتخاذ القرار طالما لم يصطفّوا مع أعدائه.
عليّ والتطبيق الحر في النصوص النبوية
لقد كان عليّ في ولايته التي أرْبت على أربع سنوات ونصف ، منهمكاً في إصلاح ما فسد من أمور المسلمين في العهود السابقة ، غير انه واجه عصياناً من أطراف عديدة ، سواء من الذين بايعوه ونكثوا البيعة ، أو من معاوية وأهل الشام ، أو من المارقين الذين انقلبوا عليه خلال حرب صفين ، ولو لم يُواجَه علي بن ابي طالب من قبل كل هؤلاء ، لأصلح الاوضاع التي اختلت بعد وفاة الرسول ، وأعاد الأمور ـ نوعاً ما ـ إلى نصابها ، وهو الذي نبّه جماهير الأمّة إلى أنه إذا تسلّم الحكم فلا تطيقه الأمّة ، خاصة بعد عقود من الانحراف ، وذلك لأنه سيطبّق السُنّة النبوية حرفياً ، ولا يجعل للاجتهاد الشخصي أي موضع أمام السُنّة النبوية المطهّرة ، كما فعل الخلفاء الثلاث الذين سبقوه واجتهدوا في كثير من الأمور مقابل النصوص القرآنية والنبوية ولم يجدوا حرجاً في ذلك.
وكان عليّ قد حذّر المسلمين ، بأن تسلمه للحكم بعد تلك التغييرات والتلاعبات في الاحكام الشريعة والتعاليم الدينية بحجة إعمال الاجتهاد ورعاية المصلحة والإستئثار ببيت المال وتوزيعه بطرق غير مشروعة وغير ذلك من الإجراءات الملتوية ، والأمّة التي أذعنت لتلك الانحرافات ، ستصطدم بالتطبيق الفوري للسُنّة النبوية والعودة بها إلى عهد الرسول صلىاللهعليهوآله ، غير ان الأمّة المنكوبة كانت تندفع بجموح ، متوقعة ان الاصلاح سيتم بكل سهولة وبدون معوقات ، غافلة ان الأحقاد كانت ما تزال تعتمل في نفوس قريش