الصحيحان في ميزان الصحة والخطأ
منذ القديم والمسلمون يتهيّبون من توجيه أي نقد ولو بسيط لصحيح البخاري ومن بعده صحيح مسلم ، للقناعة التي تولّدت في أنفسهم منذ الصغر ، بأن صحيح البخاري هو أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم ، فأنّى لنا ان نتناول مثل هذا الكتاب بالتضعيف أو التشكيك أو الطعن ولو بحديث واحد منه ، ويليه في ذلك صحيح مسلم ، فالصحيحان أو الشيخان اللذان دوّنا هذين الكتابين ، لهما موقع أول في قلوب المسلمين وبالأخصّ عند علماء الحديث والفقهاء والمؤرخين الذين يستقبلون هذين الصحيحين بالتسليم والقبول المطلق منذ مئات السنين وحتى الآن ، وكل الأحاديث التي لم ترد فيهما ينبغي أن تُخرّج على شرطيهما حتى تصبح موضع رضى واطمئنان الآخرين ولِتُؤخذَ مأخذ التسليم.
ولأننا آلينا على أنفسنا اليوم أن نلغي كل قناعاتنا ونضعها جانباً ، فقرّرنا ان ننطلق من الصغر ، ونبحث في هذين الصحيحين وننقّب فيهما جيداً لكي نعزّز تلك القناعات أو نغيّرهما طبق النتائج ، وليس لدينا أدنى خوف من تلك النتائج ، مهما كانت ، لأننا باحثون عن الحقيقة فحسب ، ولا تأخذنا في ذلك لومة لائم.
في البداية ، خامرنا إحساس بالرهبة والتردّد ، فهذان الصحيحان ، هما خُلاصة جهد كبير جداً ، وعصارة طاقات هائلة استطاعت من خلال غربلة مئات الآلاف من الأحاديث التي جُمعت من كل الأقطار الاسلامية ، بعد رحلات شاقة ، ليتم اختزالها