ونسخ أديانهم ، وبقاء قصصهم وسائل إيضاح للدرس والعبرة لمن ورثوا الكتاب والنبوة ، وذلك انه لا سبيل للاستبدال والنسخ في عالم المسلمين ، وهم أصحاب الرسالة الخاتمة (١) ، والحقيقة اننا لم نفتقد فن الاختلاف وآدابه وأخلاقياته ، لأن كل اختلاف مذهبي أو فقهي أو عقائدي ، لابد وأن ينتهي الى ما انتهى إليه أهل الكتاب من يهود ونصارى ، وما حذّر منه القرآن الكريم قد وقع المسلمون فيه ، وتجزّأوا الى مذاهب وفرق ومدارس دينية متطاحنة ، انما نبحث هنا عن أسباب وعلل هذا التفرّق والاختلاف الذي بدأ فور رحيل النبي ، وأخذ في اتساع بمرور الزمن.
اسباب الاختلاف وعِلله
وقد قام العلماء بتصنيف الكثير من الكتب التي تعرّضت لمباحث أسباب الاختلاف.
ويعرّف بعضهم علم الخلاف بأنه علم يمكّن من حفظ الاشياء التي استنبطها إمام من الأئمة ، وهدم ما خالفها دون الإستناد الى دليل مخصوص ، اذ لو استند الى الدليل ، واستدل به لأصبح مجتهداً وأصولياً (٢).
واذا اشتدت خصومة المتجادلين ، وآثر كل منهما الغلبة ، بدل الحرص على ظهور الحق ووضوح الصواب ، وتعذّر أن يقوم بينهما تفاهم أو اتفاق ، سميت تلك الحالة ب«الشقاق» : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا. فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ (٣).
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) أدب الاختلاف ، ص ٢٤.
(٣) أدب الاختلاف ، ص ٢٥.