ولذلك سُئل بعض العارفين عن معنى المذهب ، فاجاب ان معناه دين مبدّل (١).
وقد انتبه الامام الشهير محمد عبده الى ما جرى من صراعات طائفية ومذهبية في سالف الازمان ، بدون الرجوع الى أي دليل مُعتبر ، فقال محذّراً وناصحاً : ان المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن ، وأن الاسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الاول قبل ظهور الفتن.
ويقول محمد عبده أيضاً ودون مواربة : لا يمكن لهذه الأمّة أن تقوم مادامت هذه الكتب فيها ، ولن تقوم إلا بالروح التي كانت في القرن الأول وهو القرآن ، وكل ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العمل والعلم (٢).
فتاوى متعارضة وأحكام متضادة
من البديهي أن تأتي الأحكام والفتاوى المنسوبة لاصحاب المذاهب الاسلامية متعارضة ومتفاوتة وذات اختلاف شاسع بين الحلال والحرام ، مع ان القضية المطروحة واحدة لا تحتمل أكثر من حكم واحد محدّد.
وعلى سبيل المثال ، قدم عبد الوارث بن معبد مكة ، فالتقى أبا حنيفة وقال له : ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً؟ فقال : البيع باطل والشرط باطل ، فأتى ابن أبي ليلى فسأله عن ذلك ، فقال : البيع جائز والشرط باطل ، فأتى ابن شبرمة ، فسأله ، فقال : البيع جائز والشرط جائز ، فقال في نفسه : سبحان الله ، ثلاثة من فقهاء العراق ،
__________________
(١) اضواء على السنة المحمدية ـ ابو رية : ٣٧١.
(٢) المصدر السابق : ٤٠٦.