يترك أوامر القرآن العامة إلا اذا كان يعلم بأن هناك تخصيصاً يستثنيه من العموم.
غير ان هذا الاستدلال خاطئ تماماً ، اذا ما علمنا ان الصحابة كغيرهم يصيبون ويخطئون ، وربما يرتكب بعضهم المعاصي والخطايا ، وحتى الذنوب والكبائر من الذنوب ، كما يثبت التأريخ ذلك ، وتدلّ سيرة العديد من الصحابة على انهم ربما كانوا يُخالفون أوامر القرآن الصريحة.
وقد التفت العالم المصري الكبير محمد عبده الى هذه القاعدة الفقهية الخاطئة لبعض المذهب الاسلامية ، فقال : أريد أن يكون القرآن أصلاً تُحمّل عليه المذاهب والآراء في الدين ، لا أن تكون المذاهب أصلاً ، والقرآن هو الذي يُحمّل عليها ، ويرجع بالتأويل أو التحريف إليها ، كما جرى المخذولون ، وتاه فيه الضالون (١).
المذاهب الأربعة والسُنّة النبوية
الأصل الثاني في عملية استنباط الأحكام الشرعية عند المذاهب الأربعة لأهل السُنّة والجماعة ، ينحصر بالسُنّة النبوية أو الحديث المروي عن رسول الله ، لكن اختلاف المذاهب يدور حول حجم الثقة والايمان بصحّة الحديث المرفوع عنه صلىاللهعليهوآله. فلما كان الحديث النبوي لم يُدوّن في عهده ن وقد منع الخلفاء من بعده ، تدوين الحديث أو التحدّث به ، لأسباب معروفة ، ظلّ الحديث النبوي ، محفوظاً في صدور الرجال ، يتناقلونه من جيل الى جيل ، وكان عُرضة لنسيان الحفّاظ ، فضلاً عن اختراق الكذابين والوضّاعين الذين تلاعبوا بالحديث وغيّروا فيه دون أن يردعهم رادع أو وازع من دين أو ضمير.
__________________
(١) اضواء على السنة المحمدية ـ ابو رية : ٤٠٦.