الامام مالك بن أنس : والتهرّب من السلطة الحاكمة
عند التحرّي عن آراء واستدلالات الامام مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة ، وشيخ الحديث ، وصاحب المذهب الثاني من المذاهب الاربعة الشهيرة ، لمعرفة حقيقة علم الإمام ومدى تطابق الحقيقة مع الواقع ، نستنتج الحقائق والامور التالية.
مالك ومقدرته العلمية
لم يكن الامام مالك بن أنسن يجيب عن كل الاسئلة والاستفسارات الفقهية ، وانما كثيراً ما كان يُبدي عجزه عن الاجابة ، ويبقى حائراً لا يدري ما يقول ، فمرَّة سُئل عن أربعين مسألة ، فقال في ست وثلاثين منها بأنني لا ادري.
وذات يوم كان الهيثم بن جميل ، حاضراً عند مالك عندما سُئل عن ثمان وأربعين مسألة ، فأجاب عن اثنتين وثلاثين منها بأنه لا يدري (١).
وقَدمَ خالد بن خداش على مالك بأربعين مسألة ، فما اجابني منها إلا على خمس مسائل (٢).
وفي بعض الاحيان ربما كان مالك يُسأل عن خمسين مسألة ، فلا يُجيب عن واحدة منها ، ويُبدي حيرة في كلّها في الاطلاق. وجاء رجل الى مالك ليسأله عن مسألة ، قائلاً إن قومه أرسلوه يسأله عنها من مسيرة ستة أشهر ، فقال مالك له : أخبر الذي
__________________
(١) المجموع ـ النووي ١ : ٤١ ؛ تفسير القرطبي ١ : ٢٨٦ ؛ سير اعلام النبلاء ـ الذهبي ٨ : ٧٧.
(٢) سير اعلام النبلاء ـ الذهبي ٨ : ٧٧.