المحنة مع قريش
نزل الوحي على النبي محمد صلىاللهعليهوآله ـ كما هو معروف ـ وهو يتعبّد في غار حراء ، وحين عرض الاسلام على زوجته خديجة الكبرى وابن عمه علي بن أبي كالب الذي كان يبلغ من العمر ٩ سنوات ، أسلما فوراً ودون تردد ، وكان عليّ يتعقبه إلى غار حراء ، ويسمع الوحي مباشرة دون الناس ، وهو الذي صلّى خلف النبي صلىاللهعليهوآله قبل الناس بخمس سنوات ، وشرع رسول الله يلقّنه تعاليم الدين والآيات القرآنية النازلة عليه ، فيستوعبها فوراً.
ونزلت آية الانذار التي أعلن الرسول في أعقابها بأن علياً هو أخوه ووصيه ووزيره وخليفته من بعده ، فليسمعوا له ويطيعوا ، فاستصغر القوم علياً وأخذ القوم يتغامزون ويعيّرون به أبا طالب ، قائلين : لقد أمّر محمد عليك ابنك علياً لتسمع له وتطيع.
وهنا بدأت محنة النبي صلىاللهعليهوآله مع قريش في قضية الخلافة.
لقد كان الأمر إلهياً ، إذ ان رسول الله أعلن للملأ من بني هاشم بأن علياً : أخوه بالأخوَّة الخاصة ، لأن كان ابن عمه وليس أخاه في النسب ، كما جعله وصياً له ووزيراً وخليفة عليهم من بعده ، فشرعت الأحقاد تتنامى ضد علي بن أبي طالب ، حسداً من قبل بعض الصحابة ، وحقداً وحسداً مطلقاً من جلّ قريش.
وظل هذا الحقد والحسد ، خفياً تارة ، وعلنياً تارة أخرى ، حتى هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة ، وقامت معركة بدر بين المسلمين ومشركي قري ش، إذ قتل عليّ نصف المقاتلين من قريش ، وفيهم عدد من قادة بني أميّة ، حيث اشتد الحقد ضد عليّ وبقي هذا الحقد يغلي في نفوس بني أميّة وفي عدد من كبار زعماء قريش حتى بعد أن أعلنوا إسلامهم الشكلي في فتح مكة.