والجماعة على اثبات عدالة الصحابة جميعهم دون استثناء ، ويزعمون أن لديهم «حصانة» ضد الكذب على رسول الله ، تدحض هذا الاستنتاج الذي يُعتبر من المسلّمات عند الجمهور السُنّي ، الآيات القرآنية نفسها ، إذ تثبت أن بعضاً من الصحابة والمؤمنين الذين ينزل الوحي وهم متحلّقون حول رسول الله ، كانوا بمستوى الايمان والتقوى والمسؤولية لحمل ونقل السُنّة النبوية لصدْقهم وأمانتهم ورعايتهم للعهود ، أما الآخرون فليس ما يثبت أو يدلّ على ثقة الرسول بهم ، بدليل ذمّهم من قبل الله ورسوله ، وان فيهم المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين والمشكّكين والضعفاء والعُصاة ، كما اتضح آنفاً ، وليس من حق أحد أن يمنحهم العدالة أو الحصانة ضد الكذب أو حتى العصمة كما يزعم البعض من أهل السُنّة والجماعة.
القرآن الكريم والاعتبار من الامم البائدة
ليس اعتباطاً ان يدعو الله تعالى المسلمين لأخذ العبرة من الأمم السالفة ، والسير في الأرض ، لينظروا كيف كان عاقبة المكذّبين؟ (١) وكيف أهلك الله تلك الأمم السابقة التي مكّنها في الأرض ، ثم أهلكها بذنوبها ، وأنشأ من بعدها أمماً أُخر (٢).
ولقد أهلك الله الامم المندثرة لمّا ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات ، ولكنهم لم يؤمنوا ... ثم جعل المسلمين خلائف لهم لينظر كيف يعملون؟ (٣)
ولولا كان من الامم السالفة ـ قبل مجيء الأمّة الاسلامية ـ قلّة ينهون عن الفساد في
__________________
(١) آل عمران ١٣٧ ؛ الأنعام ١١.
(٢) الأنعام ٦.
(٣) يونس ١٣ ـ ١٤.