الخليفة الثالث
الخليفة عثمان بن عفان ، عند أهل السُنّة والجماعة ، هو الخليفة «الراشد» الثالث ، ذو النورين الذي تستحي منه الملائكة ، عطوف يجب رَحمَه ويمنحهم العطايا ، وهو الذي وحَّد المسلمين على نسخة واحدة من القرآن ، وفتح شمال إفريقيا ، ولم يتحمّل المسلمون في الأمصار ، تصرفاته الحكيمة ، فقتلوه غيلة.
وعند البحث عن سلوكه بعد تسلمه الخلافة ، نجد أنه لم يكن بالصورة التي يرسمها له جمهور المسلمين ، فهو :
١ ـ كان أحد المشرحين الستة الذين اختارهم الخليفة الثاني ، وقد خَشيَ عمر أن يحمّل بني أميّة على رقاب الناس ، ولذا فقد اشترط عليه عضو الشورى الصحابي عبد الرحمن بن عوف أن لا يحمِّل هؤلاء على رقاب المسلمين ، فقبل الشرط ثم نقضه بعد ست سنوات من حكمه ، فأخذ يقرّب أرحامه من بني أميّة ويستأثر بهم ويوليهم إمارات العراق ومصر ، ويقطع لهم الاموال الطائلة من بيت المال ، ولم يستمع إلى شكاوى الرعية حول ممارسات أقربائه المنافية للدين ، كما حاول تعطيل الحدود عنهم ، وتجاهل كل الشكاوى في حق أقاربه من بني أميّة وهم الذين كانوا من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم ، وقرّب إليه أبا سفيان والحَكَم بن العاس وابنه مروان ، وهما اللذين نفاهما رسول الله من المدينة ـ لأنهما كانا من المستهزئين به ، ويحاولان الغدر به في كل لحظة ، وهما طريدا رسول الله ، وهذا الفعل يُعدّ حرباً على الله ورسوله ، كما قام بالتنكيل بصحابة كبار كعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري الذي نفاه إلى صحراء الربذة فمات هناك وحيداً ، وأصبح عثمان طوْع إرادة صهره مروان بن الحكم «الوزغ بن الوزغ» على حد تعبير الرسول صلىاللهعليهوآله ، وأمر بقتل صحابة كبار كمحمد بن أبي بكر وغيره غدراً لولا افتضاح الخطة ، ولم يتب بعد أن أُستتيب مراراً ، إلى حد أن يئس الثوار