الأدلة القرآنية ، لأن الله تعالى يقول : مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ (١) ، فليس هناك حكم ليس له أصل في القرآن ، من حلال وحرام ، انما السُنّة تتولى إظهاره وإبرازه وتفصيله ، طبقاً للآية الكريمة : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (٢) ، فكيف والحال هذه لا تفي النصوص بعشر معشار الشريعة؟ وبالتالي فهي ليست محل نزاع بين المجتهدين ليحلّها أحدهم ويحرّمها الآخر حسب أهوائهما ، لتصبح هذه المنطقة المتنازع عليها ، جزءاً من الحلال والحرام ، في حين ان الرسول صلىاللهعليهوآله أوضح بأن الحلال والحرام ما أحلّه الله وحرّمه في القرآن ومحدّداً فيه دون غيره ، فكيف يحق للارادة البشرية التدخل لتحلّل هذا وتحرّم ذاك ، وتحسبه من الدين؟ وليس هو كذلك : وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَالٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (النحل ١١٦).
اختلاف نابع من تفاوت الثقة بالحديث النبوي
وقد علمنا سابقاً بأن أكثر فتاوى العلماء واختلافاتهم إنما هي ناجمة عن الاختلاف في درجة الثقة بالحديث النبوي ، أو بين وصول الحديث النبوي الى مجتهد ما ، وعدم وصوله للآخر ، أو بسبب رواية الحديث النبوي بالمعنى ، أو التلاعب في مفرداته وكلماته ، أو الحذف منه ، أو بسبب التصحيف وما إلى ذلك ، وكل هذه الاسباب والعوامل ، أدّت الى الاعتماد على الاصول والقواعد الفقهية ، كالقياس والرأي وعمل
__________________
(١) الأنعام ٣٨.
(٢) النحل ٤٤.