الامام أحمد بن حنبل والتشبّث بآثار السلف
تُرى هل حقاً انّ الإمام أحمد بن حنبل قد بزّ أقرانه في حفظ الحديث والذبّ عن السُنّة النبوية؟ وهل هو أعظم الناس ببغداد وإمام المحدّثين في عصره ، ومفتي العراق وشيخ الأمّة بلا منازع؟ (١).
وهل ان ابن حنبل كان إماماً في الحديث وضروبه ، وإماماً في الفقه ودقائقه ، وإماماً في السُنّة ودقائقها؟ (٢).
ثم هل ان الامام أحمد كان كما أكد معاصروه قد أعزّ الله الاسلام به ، وانه ليس هناك من هو أفقه منه في بغداد ، وهو حُجّة بين الله وبين عباده؟ وان الله جمع له علم الأولين والآخرين ، يقول ما يشاء ويُمسك ما يشاء؟ وهو قام مقام الانبياء (٣).
وكالعادة ، لابد من البحث والتنقيب في بطون الكتب والروايات للتوصّل الى الحقيقة كاملة حول صاحب المذهب الرابع.
وأول ما لفت انتباهي ان أئمة السُنّة والجماعة آنذاك ، كانوا يصرّون على ان صبغة المحدّث قد غلبت على أحمد ، أكثر مما ظهرت فيه صبغة الفقيه ، وانه كان يرفض أن
__________________
(١) تأريخ بغداد ـ الخطيب البغدادي ٥ : ١٧٨ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٥ : ٢٦٢.
(٢) شذرات الذهب ـ ابن العماد الحنبلي ٢ : ٩٦ ؛ العبر في خبر من غبر ـ الذهبي ١ : ٤٣٥.
(٣) سير اعلام النبلاء ـ الذهبي ١١ : ١٨٨ ؛ طبقات الشافعية الكبرى ـ السبكي ٢ : ٢٨ ؛ الجرح والتعديل ـ الرازي ١ : ٣١٠ و٣١١ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٥ : ٣١٨ ؛ المغني ـ عبد الله بن قدامة ١ : ٥.