ونجد المالكي يترك الحديث لأن العمل جرى على خلافه عند أهل المدينة ، ويعل به الشافعي لقوة في سنده على ما رأى.
آراء وفتاوى الصحابة
كذلك يتفاوت أصحاب المذاهب في اعتماد وآراء وأقوال وفتاوى الصحابة ، في استنباط الاحكام الشرعية. واذا كان أبو حنيفة يأخذ من أقوال الصحابة ما يشاء ويذر ما يشاء ، فإن الشافعي لا يحتج بها مطلقاً لأنه يعتبرها عن اجتهاد وربما يخطأ الصحابي.
وعلى العموم يتفاوت أصحاب المذاهب الأربعة في الأخذ بفتوى ورأي الصحابي واعتبارهما حجّة في الاحكام الشرعية ، وهذا أدى بالطبع الى اختلاف الفتاوى أيضاً.
القياس والرأي والقواعد الفقهية الأخرى
اذا كان المذهب الحنفي يمنح الرأي والقياس دوراً كبيراً في الاستنباط الشرعي ، بعد الحديث المشهور المرفوع عن رسول الله ، فإن المذاهب الأخرى لا تمنحه هذا الدور الكبير ، بل ان من المذاهب من لا يعتبره حجّة أبداً ، ويضيّق ابن حنبل من الرأي والقياس الى درجة ربما يتركه نهائياً في الاستنباط ، إذ ان تلامذة ابن حنبل لم يحتجوا به ـ إطلاقاً ـ وهكذا بقية القواعد الفقهية كالاستحسان والمصالح المرسلة ، ومن الطبيعي أن تأتي الفتاوى والأحكام الفقهية متفاوتة وربما متناقضة ومتضادة أحياناً ، فقد يُحلّ المذهب الحنفي أمراً ، يُحرّمه الشافعي أو الحنبلي ، ويعتبره مالك مكروهاً على سبيل المثال .. وهكذا.