تدوين الحديث النبوي عند أهل السُنّة والجماعة
يعتقد أهل السُنّة والجماعة بأن الصحابة لم يجمعوا سنن رسول الله في مصحف كما جمعوا القرآن الكريم ، لأن السنن انتشرت وخفي محفوظها من مدخولها ، فوكّل أهلها في نقلها الى حفظهم ، ولم يوكلوا من القرآن الى مثل ذلك ، وألفاظ السنن ، غير محروسة من الزيادة والنقصان ، كما حرس الله كتابه ببديع النظم الذي أعجز الخلق عن الاتيان بمثله ، فكانوا في الذي جمعوه من القرآن مجتمعين ، وفي حروف السنن ، ونقْل نظْم الكلام نصاً مختلفين ، فلم يصح تدوين ما اختلفوا فيه (١).
ولذلك لم يكن الصحابة ولا التابعون يدوّنون الاحاديث ، إنما كانوا يؤدونها لفظاً ويأخذونها حفظاً ، إلا كتّاب الصدقات ، والشيء اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء ، حتى خيف عليه الدروس ، وأسرع في العلماء الموت ، أمر عمر بن عبد العزيز ، أبا بكر الحزمي ، فيما كتب إليه : انظر ما كان من سنّة أو حديث فاكتبه (٢).
وكان الرسول صلىاللهعليهوآله قد أمر صحابته أن : لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن ، فمن كتب غير القرآن فليمحه (٣).
وعلى خطاه صلىاللهعليهوآله ، قال عمر بن الخطاب : لا كتاب مع كتاب الله (٤).
__________________
(١) أضواء على السنّة المحمدية : ٢٥٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) سنن الدارمي ١ : ١١٩ ؛ مسند أحمد ٣ : ٢١ ؛ كنز العمال ـ المتقي الهندي ١٠ : ٢٢١.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ـ ابن عبد البر ١ : ٦٤ ؛ كنز العمال ١٠ : ٢٩٢.