حديث الغدير بين الوهم ... والحقيقة
كدْنا نطوي صفحة هذا الموضوع بعد أن تأكدنا من أن حادثة الغدير ، حقيقة تأريخية لا يحق لاحد الشك في وجودها أو الطعن في صحتها ، بيد ان بعض علماء الجمهور ، كشيخ الإسلام «ابن تيمية» الذي ضعّف الحديث بشطره الأول ، وحكم على شطره الثاني بالكذب (١) ، دفعنا إلى مضاعفة جهودنا واهتماماتنا في هذا الموضوع الخطير الذي يمسّ مصير الأمّة بكاملها ، ولذا عُدْنا نقلّب صفحات التأريخ مجدداً لكي نستجلي الحقيقة ، وننفي أي ادعاء يحاول التشكيك فيها سعياً لطمس أثر تأريخي محفور في ذاكرة الزمن ، وحاضر في ضمير الوجدان الإنساني ، لا لشيء إلا لأنه لا ينسجم وموقفه الشاذ من عليّ بن أبي طالب.
وانبهرنا مرّة أخرى عندما عرفنا أن الالباني ـ وهو من اكبر علماء الجمهور ـ أثبت في كتاب (سلسلة الاحاديث الصحيحة) ، أن حديث الغدير ، متواتر بشطره الأول ، وصحيح بشطره الثاني ، متّهماً ابن تيمية بالتسرّع في تضعيفه.
وقال الذهبي بأنه لما بلغ ابن جرير الطبري ان أبي داود تكلم في حديث غدير خم ، عمل كتاب الفضائل ، وتكلّم في تصحيح الحديث ، وقد رأى مجلّداً في طرق الحديث للطبري ، فاندهش له ولكثرة الطرق (٢).
ولذلك قال الذهبي صاحب «سير أعلام النبلاء» عن حديث الغدير بأنه حسن وعال جداً ومتنه متواتر (٣).
__________________
(١) مجموعة الفتاوى ـ ابن تيمية ٤ : ٤١٧ ـ ٤١٨.
(٢) تذكرة الحفاظ ـ الذهبي ٢ : ٧١٣.
(٣) سير اعلام النبلاء ـ الذهبي ٨ : ٣٣٥.