الامام الشافعي والتقلب بين المدارس الفقهية
هل صحيح ان محمد بن إدريس الشافعي ، ثالث أصحاب المذاهب الأربعة المُعتمدة لدى الجمهور المسلم ـ كما يقول أهل السُنّة والجماعة ـ عالم قريش الذي ملأ طباق الأرض علماً ، وهو إمام الدنيا وعالم الأرض؟ (١).
وهل صحيح ان الشافعي أعظم منّة على الاسلام ، جَمَعَ الله له من العلوم والمفاخر ما لم يجمع لامام قبله وبعده ، واتّفقوا على إمامته وعدالته؟.
وهل صحيح انه لم يعرف ناسخ الحديث من منسوخه غير الشافعي؟.
وهل صحيح ان الشافعي سارت الركائب بفضله ، ومعارفه وثقته وأمانته ، الحافظ المثبّت ، ناصر الحديث والسُنّة؟ (٢).
لابدّ من التأكد من أمثال هذه التقاريض التي امتلأت بها كتب علماء السُنّة ، وبالخصوص ، علماء المذهب الشافعي حول إمامهم وفقيههم.
وبعد البحث والتنقيب ، توصّلنا الى هذه الحقائق الراسخة :
١ ـ لم يكن هناك فقيه وعالم في التأريخ قد تذبذب في آرائه وأحكامه الفقهية مثل الامام الشافعي ، فهو في البدء كان متأثراً بمالك بن أنس وأنصار الحديث ، عندما كان في الحجاز ، ثم نبذ هذه الطريقة ، لما حلّ بالعراق ، متأثراً بأهل العراق وأصحاب أبي حنيفة
__________________
(١) المجموع ـ النووي ١ : ١١ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٥١ : ٣٣٩.
(٢) أضواء على السّنة المحمدية ـ محمود ابو رية : ٣٤٣.