المهاجرين ، فهم ثلاثة ، عمر بن الخطاب وأبو بكر وأبو عبيدة الجراح ، فيما ظل جلّ المهاجرين ، فضلاً عن الانصار وغيرهم بمعزل عن ما جري في السقيفة (١).
وبالطبع كان عليّ هو الآخر وبنو هاشم وبعض الصحابة ، مشغولين بمراسم دفن الرسول ، ولم يكونوا يعملون بما يجري من تحركات لاختيار الخليفة ، مع ان علياً كان من أبرز أهل البيت ، وكان الاجدر بهؤلاء أن يدعوه هو وبني هاشم للتشاور ، لان أن يتجاهلوا وجودهم بالمرّة ، هذا ناهيك عن ان رسول الله أكد ـ مراراً ـ وجوب احترام أهل بيته ونصرتهم حتى آخر لحظة في حياته ، فكيف يتم حذفهم من الوجود وإهمالهم بتاتاً؟
ان هذا التجاهل المتعمَّد لعلي وبني هاشم وذوي قربى الرسول في عملية الاختيار ، لتدلّ على إجماع هؤلاء على تهميش دور البيوت المقرَّبة من رسول الله ، حتى لا تطالب بحق صاحب الرسول الاول وربيبه وخليفته الحقيقي وهو عليّ بن أبي طالب.
إجتماع السقيفة .. مدى مشروعيته!!
تُرى ماذا حدث في تجمّع سقيفة بني ساعدة؟ وهل كان مؤتمراً نموذجياً يمثّل أول مجلس شورى في الإسلام ينتخب حاكماً للأمّة بعد رسول الله؟ أم تخلّلته صراعات ومداولات ، ربما كادت تؤدي إلى سفك الدماء؟
إذ لما قُبض رسول الله ، انحاز حي من الانصار الى سعد بن عبادة في القضية ، وانحاز بقية المهاجرين الى أبي بكر ، وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الاشهل (٢).
وفي خضم الجدل الذي كان دائراً في السقيفة ، قال الحباب بن المنذر : يا معشر
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٦ : ٥٢.
(٢) فتح الباري ـ ابن حجر ٧ : ٢٣.