معالم الاجتهاد لدى الشيعة
يعتمد علماء الشيعة الامامية في الاستنباط الشرعي على نصوص القرآن الكريم والسُنّة النبوية التي هي مُودعة لدى الائمة الاثني عشر من قبل رسول الله ، والذين لديهم مَلَكة وقدرة على معرفة الأبعاد الفقهية والاحكام الشرعية التي تتضمنها الآيات الكريمة والاحاديث النبوية بحكم تسديدهم من قبل الله تعالى ، فضلاً عن تزكيتهم من لدن رسول الله ، كما انهم المُطهّرون من الرجس والكذب والخطأ على وفق آية التطهير.
ولذلك فعلماء وفقهاء الشيعة ، يتعبّدون بأقوال أئمة اهل البيت ، كما يتعبّدون بأقوال الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا يعدّونها إجتهاداً قابلاً للخطأ ، ولمّا كانت أقوال الأئمة الاثني عشر خلال ما يقارب على ثلاثمئة عام ، هي بمثابة السُنّة النبوية ، فأصبح للشيعة خزين وافر من السُنّة النبوية المتجسّدة بأقوال رسول الله وعليّ بن أبي طالب وبقية الأئمة الآخرين ، وهي كلها مُدوّنة من قبل تلامذتهم في كتب ومؤلفات كثيرة ، وعليه فإن حاجة العلماء للقواعد الاصولية محدودة جداً ، ولا تتضمن قواعد ليست لها صلة بالنصوص الشرعية ، التي تعتبر أهواء دخيلة على الشرع المقدّس ، كالرأي والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وشرع ما قبلنا وعمل أهل المدينة ، أما الاجماع والعقل ، فهما مصدران يرجعان الى النصوص (الكتاب والسُنّة).
ومن هنا فإن الشيعة يرفضون أية قاعدة لا ترجع الى النص ، لانها ستصبح من الأهواء والظنون التي لا تغني من الحق شيئاً ، وكما قال إمامهم جعفر الصادق عن القياس ، بأنه قاعدة غير شرعية ، وإن أول من قاس هو إبليس (١).
__________________
(١) جامع المقاصد ـ المحقق الكركي ١ : ٢١.