أهل المدينة والمصالح المرسلة والاستحسان وشرع من قبلنا من أهل الكتاب ، بل وحتى هذ القواعد ، فهناك اختلاف في التعاطي معها أو نبذها والطعن فيها والتشكيك بها ، وهذا يدل على أن عدم الثقة بالحديث النبوي هو السبب في تلك الاجتهادات الفقهية الكثيرة ، وما أفضت اليه من اختلافات شديدة على طول التأريخ الاسلامي ، وبالخصوص في القرون الثلاثة الاولى ، فما علاقة ذلك بما يُشاع عن منطقة العفو المزعومة؟ ثم كيف يزعم القائل بأن الجميع متّبعون وملتمسون من الرسول صلىاللهعليهوآله ويستقون من مَعينه ، مع تلك الفجوة العميقة بين المجتهدين ، وبين الحديث النبوي؟ وهذا الإدعاء يصح فقط في حالة وصول السُنّة النبوية بكاملها للفقيه أو المجتهد ، مع الايمان بصحتها ، وحينذاك يحق للمدّعي القول بأنه يتبع الرسول ويلتمس منه ، غير ان الواقع يثبت عكس ذلك ، ولكل هذه الاسباب الوجيهة ، اختلف الفقهاء تلك الاختلافات الشاسعة ، ونشأت المدارس الفقهية الكثيرة ، وتعدّدت المذاهب والفرق ، وما أفضت اليه من نزاعات وخصومات مريرة ، أضعفت الأمّة ، وأذهبت ريحها ، وشتّتتها وجعلتها مطمعاً للاعداء والمستعمرين.
تحوّل الاختلاف الى عصبيات وصراعات دموية
ونستعرض فيما يلي نماذج مما حدث في التأريخ من نزاعات وصراعات بين أتباع المدارس والمذاهب الاسلامية التي كان للحكام آنذاك دور في تأجيجها :
في عصر الاشرف ابن الملك العادل الأيوبي بدمشق الذي كان يميل الى المحدثين والحنابلة ، حصلت فتنة بين الحنابلة والشافعية بسبب العقائد ، وتعصب عزّ الدين بن عبد السلام الذي سمع من الحنابلة أذى كثيراً ، عليهم وجرت خبطة ، وكانت قد