عظيم الفساد ، وربما لم يكن بين المعنيين المتضادين ، غير الحركة أو النقطة ، وهذا النوع كثير جداً ، وضع فيه الدارقطني كتاباً سمّاه «تصحيف الحفّاظ» (١) ، وهكذا يتضح أنَّ هذه الهفوات والأخطاء والأكاذيب وغيرها هي التي تتسبب في شيوع الاختلافات بين الفقهاء حول نظرتهم للنص النبوي الذي يُعدّ بعد القرآن أهم أصل في الاستنباط الشرعي ، ثم تأتي القواعد الأخرى ، منها القياس والرأي والاستحسان والمصالح المرسلة وعمل أهل المدينة ، التي لم يضعها فقهاء المدارس الفقهية إلا مضطرين بعد الاختلاف في مدى مقدار الثقة بالسنّة النبوية ، وإحجام الكثير منهم عن اتخاذ الحديث النبوي مصدراً للاحكام الشرعية ، لعدم الاطمئنان بصحته ، ومن الطبيعي ان الاختلاف بين الفقهاء حول الثقة أو عدم الثقة في بعض الاحاديث النبوية ينجم عنه اختلاف في تبنّي هؤلاء للقواعد الفقهية الأخرى بين الايمان بمشروعيتها أو مشروعية بعضها ، أو التشكيك في بعضها الآخر ، وهذا ما حصل بالفعل ، وأدى الى هذه النزاعات والخصومات الفقهية على طول التأريخ الاسلامي ... وهي في الحقيقة ليست ظاهرة طبيعية ، وليست للارادة الالهية أيّ تدخل فيها أو في نشوئها ، وانما نشأت من عدم تدوين الحديث النبوي في عهد الرسول صلىاللهعليهوآله أو بعده مباشرة ... فلماذا يدّعي علماء الجمهور ان الله سمح بالاختلاف رحمة منه ، لاثراء العقل الانساني ، وهي من فضل الله تعالى؟
اختلافات نابعة من الهوى والرأي وانعدام الرؤية الصحيحة
وهنا لابد من طرح الملاحظات التالية :
__________________
(١) انظر : أضواء على السنة المحمدية : ١٠١.