تواتر حديث الغدير
كنّا ـ كما قلنا آنفاًـ نعتقد ، بعد أن اطّلعنا على حادثة الغدير وتفاصيلها ، أنها قضية تأريخية منسيّة لا ترقى الى حد الصحة والتواتر ، ولذلك سعى أهل السُنّة والجماعة الى تناسيها وعدم الالتفات اليها ، إلا اننا بعد أن حققنا في الحادثة تأريخياً ـ توصلت إلى انها حقيقة ناصعة ، كانوا معتمدين في إستغفالها حتى لا يتساءل الجمهور عن حيثياتها وحقيقتها وما تؤدي اليه من زعزعة لقناعاتهم وعقائدهم حول الخلافة والامامة.
وأما مدى صحة هذه الواقعة على المستوى التأريخي ، فإن بحثنا أوصلنا إلى أنها حقيقة تأريخية ناصعة لا يمكن الاستخفاف بها أو إغفالها أو التنكّر لها.
فقد نقلها صاحب الفتاوى الحامدية في كتابه : «الصلوات الفاخرة في الاحاديث المتواترة» باعتبارها حديثاً متواتراً مقطوعاً به ، وكذلك كل من : السيوطي ، ابن جرير الطبري ، أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، الذهبي ، حيث أعلنوا تواتر حديث الغدير وتصدّوا لطرقه ، فأفرد له كل منهم كتاباً على حدة. وقد أخرجه ابن جرير في كتابه «الولاية» من مئة وخمسة طرق ، والذهبي صحّح كثيراً من طرقه.
ونقل السيوطي الحديث في أحوال عليّ عن الترمذي ، ثم قال : وأخرجه أحمد بن علي ، وأبو أيوب الانصاري ، وزيد بن أرقم ، وعمر ، وأبو يعلى عن أبي هريرة ، والطبراني عن ابن عمر ، ومالك بن الحويرث ، وحبشي بن جنادة ، وجرير ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي سعيد الخدري ، وأنس ، والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة (١).
أما الامام أحمد بن حنبل فقد أخرج حديث الغدير عن عبد الله بن عباس
__________________
(١) تأريخ الخلفاء ـ السيوطي : ١٦٨.