الخلفاء الاربعة الاوائل في الميزان
الخليفة الأول ... والسيرة الذاتية
قبل الشروع في دراسة سيرة الخليفة أبي بكر ومدى صدْقية الصورة التي رسمها أهل السُنّة والجماعة عنه ، لابد من التوقّف عند الآية الكريمة التي أشارت الى قصة الهجرة النبوية من مكة الى المدينة ، حيث هاجر النبي سراً بصحبة أبي بكر ، واختبآ في غار ثور لكي لا يكونا تحت رصد قريش التي تتبّعت الرسول لالقاء القبض عليه وقتله.
نزلت في هذا المشهد ، الآية الكريمة : إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة ٤٠) .. والجمهور المسلم في الواقع تأثر جداً بهذه الآية المباركة ، معتقداً ، بأنها من مناقب أبي بكر وفضائله التي لا تعدّ ولا تحصى ، اذ تناقلت الأجيال ، قضية هجرة الرسول وصاحبه ، وكأن هذه الفضيلة لا تعادلها فضيلة أو توازيها ، على مرّ التاريخ.
وحين نَتناول هذه الآية الكريمة بالتحليل والتمحيص ، لم نجد فيها أية منقبة أو فضيلة للخليفة الاول. لأن عبارة : فإذْ هما في الغار ، يعني هما الاثنين ، والمعية هنا لا تعدّ مزية أبداً ، كما ان حزن أبي بكر وخوفه من احتمال وقوعهما في قبضة كفار قريش ، لا معنى له ، مع اطمئنان الرسول صلىاللهعليهوآله بأن الله سينجيهما بعد المحنة الطارئة ،