المذهب المالكي وحجّية عمل أهل المدينة
يُعدّ المذهب المالكي الذي اسّسه تابع التابعين ، مالك بن أنس الذي ولد عام ٩٥ هـ ومات عام ١٧٩ هـ ، المذهب السُنّي الثاني من المذاهب الاربعة التي يتبعها الجمهور في عموم العالم الاسلامي.
وقد وُلد مالك في المدينة المنوّرة وعاش فيها حتى آخر لحظة من حياته ، والمدينة بنظر مالك وأصحابه ، معْقل الأحكام ، ومهْد الحديث ، ومدرسة العلماء ، ومجمع الفقهاء الذين روى عنهم مالك ، وأخذ عنهم ، من أمثال نافع والزهري (١).
ذاع صيت مالك ، وطبقت شهرته الآفاق ، وشغل به أهل الأمصار ، ورحل إليه الناس ، يروون عنه الحديث ، ويتفقّهون في الدين ، فهو بذلك يصفونه بإمام دار الهجرة ، وفقيه الأمّة (٢).
وقد أخذ مالك عن تسعمائة شيخ أو أكثر ، أبرزهم نافع والزهري وربيعة الرأي ، وروى عنه من شيوخه الذين أخذ هو عنهم : الزهي ، ربيعة الرأي ، يحيى بن سعيد الأنصاري ، موسى بن عقبة وهو إمام المغازي (٣).
كما روى عن مالك من تلاميذه : الامام الشافعي ، وابن المبارك ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، ويُقال انه روى عنه ما يزيد على ألف وثلاثمائة من أعلام أهل العلم ، فضلاً عن
__________________
(١) المذاهب الفقهية ٥٧.
(٢) انظر : سير أعلام النبلاء ـ الذهبي ٨ : ٤٨ ـ ٤٩ ؛ تنوير الحوالك ـ السيوطي : ٣.
(٣) انظر : عمدة العيني ـ العيني ١ : ٣٦.