٢ ـ ان الاختلافات الدينية بين الناس ، تنبع في الأساس ، من عصيانه وعصيان رُسُله ، وعدم اتّباع التعاليم الالهية بصورة تامة ، وقد أوضح القرآن ذلك بأفضل صورة في قوله تعالى : وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ... (١).
وقد عطف الله تعالى النزاع بين المسلمين على أمره باطاعته وإطاعة رسوله مباشرة ، لأن عصيان الله والرسول ، يستتبع حدوث نزاع وإختلاف بين الأتباع ، لكون عصيان الأوامر الالهية يؤدي الى إتّباع الأهواء وما تُمليه النفوس من ظنون وأفكار لا تمت للدين بصلة ، ويحسبها الأتباع وكإنها هي الدين نفسه ، ويحسب كل طرف أو فرقة متنازعة مع الفرق الأخرى انها على الحق ، وهي الصواب دون الفرق والنحل الأخرى ، وبذلك يحصل النزاع والاختلاف الذي يؤدي الى صراعات مدمّرة ، تُضعف الأمّة أيما ضعف وهوان ، الى درجة يصفها القرآن الكريم ، بذهاب الريح وتكالب الاعداء عليها من كل جانب ، وانها لو أطاعت الله ورسوله كما ينبغي ، لما حصل أي نزاع أو اختلاف أو شقاق.
هذه ال رؤية القرآنية لقضية الاختلاف ، وليس هناك أي رؤية أخرى يطرحها كتاب الله في هذا المجال.
الاختلاف في حديث رسول الله
ولو توغّلنا أكثر في مفهوم الاختلاف عند أهل السُنّة والجماعة ، لوجدنا ان
__________________
(١) الأنفال ٤٦.