ولطالما تمسّك أهل السُنّة بهذا الحديث الموضوع للاستدلال على عدالة جميع الصحابة والتابعين ، فضلاً عن مشروعية المذاهب الفقهية والاصولية ، غير ان رواية «خير القروني قرني» شهد غير واحد من أعلام أهل السُنّة والجماعة ، بأنها غير تامة السند ، منهم صاحب (١).
أحاديث موضوعة لصالح الخلفاء الأربعة :
كنّا قد أثبتنا ـ سابقاً ـ ان تفضيل الخلفاء الاربعة وترتيبهم بالشكل الحالي ، ليس له اصالة تأريخية ولا حقيقة موضوعية أبداً ، وانما هي قاعدة مُخترعة ، وضعها المؤرخون التابعون للمدرس السُنّية ، وأمست «حقيقة» راسخة في نفوس أتباع التيار السُنّي بمرور الزمن مع كل الأسف ، والدليل على ذلك ، تناقض الروايات الواردة في هذا المقام ، والتضاد الصارخ فيما بينها ، بالرغم من ادّعاء أهل السُنّة ، اجماع الأمّة على أفضلية الخلفاء الاربعة الاوائل وبالترتيب المشهور.
فالاجماع المزعوم (أي تفضيل الخلفاء الاربعة وترتيبهم المعروف) لم يحصل إلا في زمن أحمد بن حنبل كما يؤكد صاحب كتاب طبقات الحنابلة.
ـ كان أهل الحديث الكوفيون يقدّمون علياً على عثمان ، بل يقدّمونه في الفضل على أبي بكر وعمر (٢).
ـ يقول «صلوات الله عليه» : أنا أول من تنشق عنه الارض ثم أبو بكر ثم عمر (٣) ... تُرى لماذا سكت رسول الله ولم يذكر بقية الخلفاء الاربعة ، أي عثمان وعيلاً ، فلابد ان هذا الحديث موضوع كالأحاديث السابقة.
__________________
(١) الكفاية في علم الدراية : ٤٧.
(٢) عمدة القاري ـ العييني ١٦ : ٢٠٦ ؛ ميزان الاعتدال ـ الذهبي ٢ : ٥٨٨.
(٣) المستدرك ـ الحاكم النيسابوري ٣ : ٦٨ ؛ المعجم الكبير ـ الطبراني ١٢ : ٢٣٦.