الاختلاف في مدرسة الجمهور ، ليس كما يدّعي الذين ينظرون إليه وكأنه حالة ايجابية مقبولة ومشروعة في الدين ، بل هناك نهي عن الاختلاف لما يمثّل من حالة سلبية لا يرضاها الله سبحانه وتعالى ، لأنها تؤدي الى النزاع والتناحر وزعزعة تماسك الأمّة الواحدة.
ألم يروِ صحيح البخاري ـ وهو أصح كتاب بعد كتاب الله عند الجمهور المسلم ـ بأن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم؟ (١) ، بل وصحيح مسلم يرويه أيضاً ، ألم يقل صلىاللهعليهوآله عندما أفْلت ذوالخويصرة من ملاحقة أبي بكر وعمر بن الخطاب ، بأنه لو قُتل لما اختلف من الأمّة إثنان. وذوالخويصرة هذا هو الذي أسّس فرقة الخوارج فيما بعد ، والتي أدت الى نشوء الفرق والمذاهب في الأمّة الاسلامية بعد ذلك.
ثم أردت الرسول صلىاللهعليهوآله ، قائلاً : إن بني اسرائيل افترقوا إثنين وسبعين فرقة ، وان هذه الأمّة ستفترق ثلاثاً وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة (٢).
ولم يكن توقّع الرسول بأن الأمّة الاسلامية ستفترق الى هذا العدد من الفرق التي تفاوتت بين الاختلاف العقائدي أو الفقهي ، الا كوْن إختلافاتها هذه ستفضي بالأمّة الى التمزق ثم الانهيار والابتعاد عن شرع الله الحقيقي الذي نزل على رسول صلىاللهعليهوآله.
علماء الأمّة وذم الاختلاف
فمن علماء الجمهور (رشي رضا) يقرّ في تفسير المنار بأن من أعظم ما ابتليت به الفِرق الاسلامية ، رمي بعضهم بعضاً بالفسق والكفر مع ان قصد الكل الوصول الى
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ : ٨٩.
(٢) مسند أحمد ٤ : ١٠٢.