شرعيين ، الحق متردد بينهما ، وبه حصل الإشكال والخلاف كما يقول الشاطبي (١).
وهنا يبدو التناقض والتضاد بأجلى صورهما ، فإذا كان الاصلان شرعيين ، فكيف يتردّد الحق بينهما؟ فهل هذا يعني غير ان الأصل الشرعي ربما يفضي الى حكم باطل ، لأن الحق واحد وليس له وجوه متعدّدة ، واذا كان الأصل الشرعي الأول يبطن حقاً ، فإن الاصل الشرعي الثاني ـ من البديهي ـ يبطن باطلاً ، والعكس صحيح.
وهذا من المحال ان يحصل ، ولذا لابد أن يكون أحد الأصلين غير مشروع والآخر مشروعاً ، وبالتالي فإن الاختلاف في هذه الحالة ، غير معتبر وغير سائغ إطلاقاً.
مزاعم تفتقد للصدْقية والدليل
أما الشيخ ابن تيمية فيسمّي الاختلاف المقبول أو المُعتبر ، باختلاف التنوّع ، كأن يكون كل واحد من القوانين أو الفعلين مشروعاً ، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة ، فزجرهم عن الاختلاف رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : «كلاهما محسن». ومثله في صفة الأذان والإقامة والتشهد والاستفتاح (٢).
نعم ، اذا كان القولان أو الفعلان مشروعين ، كإختلاف القراءات التي اعتبرها الرسول صلىاللهعليهوآله مقبولة ، إلا ان الاختلاف في القراءات ليس اختلافاً عقائدياً أو فقهياً. أما الاختلاف في الأذان والإقامة والتشهّد والاستفتاح ، فهو أيضاً غير مشروع ، لأن هذه الامور تعبّدية وغير جائز أو مشروع ، الاختلاف فيها أبداً.
ومن الاصول المشروعة التي يقصد بها ابن تيمية (الحديث النبوي) أن يكون كل
__________________
(١) الخلاف المُعتبر ـ علي بن عبد العزيز الشبل ـ الفاروق ـ السنة ٢٢ ـ العدد ٨٧.
(٢) الخلاف المُعتبر ـ علي الشبل ـ الفاروق ـ السنة ٢٢ ـ العدد ٨٧.