وقفة أخرى مع الخلفاء الثلاث الاوائل
الخليفة الأول
لو تتبعنا سيرة الخليفة الأولى أبي بكر ، لألفيناها ليست كما يدّعي الجمهور ، حين يؤكدون بأنه أفضل شخص بعد رسول الله ، وانّه يُلقّب بالصديق ، وانفرد بمناقب لم ينفرد بها غيره ، هذه المُسلَّمة تولّدت لدى الجمهور السُنّي من خلال أحاديث عددية «مأثورة» عنه صلىاللهعليهوآله ، قد وُضعت في العهد الأموي الأول للتغطية على مكانة علي بن أبي طالب وأهل بيته وعلى مناقبهم العظيمة.
ولو حللنا حياة أبي بكر وسيرته ومواقفه مع الرسول خاصة ، ومع المسلمين ، يتضح لدينا انه لم يكن بالمنزلة التي يضعه فيها أهل السُنّة والجماعة ، وذلك بدليل :
١ ـ لم يزكِ رسول الله ، أبا بكر في الكثير من المواقف والمناسبات ، وقال له مرّة : لا أدري ما تُحدثون بعدي (١) ، مما يعني أنه صلىاللهعليهوآله لم يضمن سلامة مصير أبي بكر بعد وفاته صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ كما ان أبا بكر شكك في العهد النبوي ، بنفسه وبمواقفه ، فهو عندما بعثه الرسول صلىاللهعليهوآله لتبليغ سورة براءة إلى مكة ، ثم بعث علياً خلفه لأخذ السورة منه ، رجع
__________________
(١) الموطأ ـ الامام مالك ٢ : ٤٦١ ؛ الاستذكار ـ ابن عبد البر ٥ : ١٠٤.