أي تدخّل في نشوء الاختلاف (١). وهذا دليل صارخ على أنَّ هذا الاختلاف غير مُعتبر أو مقبول ، بل انه نابع من خطأ المجتهد ، وان الارادة الالهية لم تسمح به رحمة بالمسلمين كما يدّعي علماء الجمهور.
الاسباب الوجيهة للاختلاف
فالبطليوسي يستعرض ـ هنا ـ سبب الاختلاف الناتج عن علل الحديث ، والتي منها فساد الإسناد ، ونقل الحديث بالمعنى دون اللفظ ، وإسقاط شيء من الحديث لا يتم المعنى إلا به ، والإرسال وعدم الإتصال ، وإن بعض رواة الحديث صاحب بدعة أو متهم بالكذب وعدم الثقة ، أو مشهور ببله وغفلة ، أو يكون متعصّباً لبعض الصحابة ، منحرفاً عن بعضهم ، وإذا لم يفتعل الحديث ، بدّله وغيّر بعض حروفه ، أو حرص الناقل على الدنيا ، وتَهافتَ على الاتصال بالملوك لنيل المكانة والحظوة عندهم ، فإن كان بهذه الصفة لم يُؤمن عليه ، التغيير والتبديل والافتعال للحديث والكذب ، حرصاً على مكسب يحصل عليه ، وقد نبّه رسول الله على نحو هذا بقوله : ان الاحاديث ستكثر بعدي كما كثرت عن الانبياء قبلي ، فما جاءكم عني فأعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه كتاب الله فهو عني.
ومن العلل ، نقل الحديث على المعنى دون اللفظ بعينه ، وهذا الباب يعظم فيه الغلط جداً ، وقد نشأت منه بين الناس شغوب شنيعة.
ومن العلل أيضاً ، التصحيف ، أي الخطأ اللغوي والإملائي في التدوين ، وهو
__________________
(١) مقدمة كتاب الإنصاف في التنبيه على الاسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم ـ البطليوسي الاندلسي.