الانصار ، املكوا على أيديكم ، ولا تسمعوا مقالة هذا ـ يقصد عمر بن الخطاب ـ وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبوا عليكم ما سألتموه ، فأجلوهم عن هذه البلاد ، وتولوا عليهم هذه الامور وأنتم أحق بهذا الأمر منهم (١).
أما عمر بن الخطاب فقد قال في يوم السقيفة : اقتلوا سعداً ـ يعني سعد بن عبادة الذي رفض اقتراح عمر وصاحبيه ـ قتله الله (٢).
وأوشكت فتنة كبرى أن تقع ، ولو وقعت لما كان بالأمر المستغرب كثيراً ، فالفراغ الذي تتركه شخصية عظمى مثل رسول الله في أمّة كان لها النبي والقائد ، لا يمكن أن يُملأ بسهولة ـ حسب رأي رمز من رموز أهل السُنّة والجماعة (٣).
واذا كان المهاجرون القاطنون في المدينة يمكن أن يسلّموا لاخوانهم الانصار بالخلافة ، ويعرفوا لهم فضلهم ، فإن بقية العرب لن تسلّم لغير قريش ، وما لم تتوحد الكلمة فلن يكتب لرسالة الاسلام تجاوز الحدود والانتشار خارج الجزيرة ، إذن فمصلحة الدعوة تقتضي أن يكون الخليفة من قريش (٤).
وانتهى الخصام في السقيفة ، فبايع عمر أبا بكر ، وإنثال الناس عليه يبايعونه في العشر الأوسط من ربيع سنة احدى عشرة ، سوى ثلّة من بني هاشم ، والزبير ، وعتبة بن أبي لهب ، وخالد بن سعد بن العاص ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذر ، وعمّار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبي بن كعب ، ومالوا الى عليّ بن أبي طالب (٥).
__________________
(١) تأريخ الطبري ٢ : ٤٥٨ ؛ الكامل في التأريخ ـ ابن الاثير ٢ : ٣٣٠.
(٢) تأريخ الطبري ٢ : ٤٥٩ ؛ لسان العرب ـ ابن منظور ١١ : ٥٤٩.
(٣) أدب الاختلاف ٥٤ ـ ٥٥.
(٤) أدب الاختلاف : ٥٨.
(٥) تأريخ اليعقوبي ٢ : ١٢٤.