تُسجّل آراؤه وأقواله لأنه كان غير مطمئن لها ، غير ان الخلّال وتلميذه إسحاق التيمي هما اللذان دوّنا علومه وأقواله بالرغم من ممانعته لذلك أيام حياته (١) ، ولأنه كان يعتقد بأن التقليد لغير النبي مذموم وفيه عمى للبصيرة ، وهو بالتالي يؤمن بالتقليد ولا يحق للمسلم أن يتفقه بغير الاقتباس من الاحاديث النبوية الصحيحة منها والضعيفة فضلاً عن فتاوى الصحابة والتابعين ، وان أقواله وآراءه كانت مجرّد آراء لا ينبغي تقليدها والأخذ بها غير أن تلاميذه وتلاميذ تلاميذه ، سارعوا الى تدوين آرائه التي كانت متناقضة الى حد كبير.
أصول فقه ابن حنبل في ميزان علماء أهل السُنّة والجماعة
من المعروف ان الفقه المنقول عن أحمد قد تضاربت أقواله فيه تضارباً يصعب على العقل نسبة كل هذه الأقوال إليه. والمرء حين يفتح أي كتاب للحنابلة ، وأي باب من أبوابه يجده لا يخلو من عدة مسائل اختلفت فيه الرواية بين لا ونعم.
ـ نُقل عن الامام الغزالي ان الاعتراف بفقه الحنابلة كان حوالي سنة ٥٠٠ هـ.
ـ الترقيع على المذهب الحنبلي من ناحية الكلام والاستدلال قد قام به أبو الحسن الاشعري ، بعدما أصبح من الحنابلة.
وأما الترقيع من الناحية الثانية ، فقد قام به أبو بكر الخلّال المتوفى سنة ٣١١ هـ ، وهو جامع أشتات المسائل الفقهية المنسوبة لابن حنبل ، ومن حلقته في جامع المهدي ببغداد ، انتشر المذهب الحنبلي الفقهي ، وقد اختلفت الروايات في أقوال أحمد اختلافاً عظيماً ، والمخرجون بعده اختاروا صحّة بعض الأقوال ورجحوها على غيرها.
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ١١٥ ـ ١١٦ ـ ١١٧.