ـ اذا خالف الراوي الفقيه روايته ثم صح عنه العمل بخلافه ، إن العمل بما رأى لا بما روى (١).
أبو حنيفة والحديث النبوي
اذا كان المدافعون عن المذهب الحنفي ، يعتبرون تقليل اعتماد أبي حنيفة على الحديث النبوي بسبب قلّة الصحيح فيه ، لأن ذلك تم قبل تدوين كتب الحديث والسنن المعتبرة من صحيح وسُنن وغيرها ، وإن أبا حنيفة لو عاش الى ذلك العهد لترك الكثير من آرائه وأقواله وفتاواه فهذا إقرار بأن تلك الآراء والأقوال كانت مخالفة للسُنّة النبوية الصحيحة المعتبرة ، فلِمَ يا ترى لم يتخل أتباع المذهب عنها بعد تدوين السنن والصحاح الوثيقة؟ وظلوا متمسّكين بها بالرغم من تحذير صاحب المذهب نفسه ، أي أبي حنيفة الذي طالب تلاميذه وأتباعه بعدم الالتزام الحرفي بكل ما رآه وأفتى به؟ إنه التقليد الاعمى؟؟. فكيف لنا أن نتّبع مذهباً ، هو في الحقيقة ، لم يكن سوى آراء وأقوال واحتمالات ، أطلقها فقيه لم يطمئن لها ، وانما عدّها محاولات تحتمل الصواب والخطأ ، فجاء تلاميذه وأتباعه ومريدوه ، وأنشأوا منها مذهباً ، اصبح مُعتَمداً ، بالرغم من انتقاد العشرات من علماء وفقهاء أهل السُنّة وأصحاب المذاهب الأخرى ، وتخطئتهم لصاحب المذهب ، وتوجيه مختلف الطعون والشكوك له ولآرائه الفقهية؟
__________________
(١) فتح الباري ـ ابن حجر ٩ : ١٣١ ؛ عمدة القاري ـ العييني ٢٠ : ٩٨.