قلة ، منهم بني أميّة ـ واصرارهم على البيعة له كخليفة ، فاضطر إلى قبولها بقوله : «لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر. وما أخذ الله على العلماء أن لا يُقاروا على كِظة ظالم ولا سغِب مظلوم ، لألقيت حبْلها على غاربها» (١).
وعند قبول علي لتولي الخلافة والبيعة من الأمّة ، اشترط أن يعيد الأمور إلى نصابها ، وأن يستن بسُنّة رسول الله ولا تأخذه فيها لومة لائم ، ولا يعير أهمية لسُنن الخلفاء الثلاث ، لأنها كانت في الكثير من جوانبها ، تُخالف السُنّة النبوية ، فأذعن المبايعون لشروطه ، إلا ان بعضهم نقض تلك الشروط ، وقامت عليه تلك الحروب الظالمة ، فلم يتورّع عن قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، لكونه الخليفة الشرعي المعيّن من لدن رسول الله بأمر من الله تعالى ، علاوة على بيعة الأمّة له في حالة فريدة لم يشهد لها التأريخ نظيراً في عملية اختيار الحكّام الذين اعتادوا ان يختارهم أشخاص قلائل قبل أن تُرغم الأمّة على بيعتهم بالترغيب والترهيب والإكراه.
ولم يطل الزمن بعليّ سوى أقل من ٥ سنوات قضاها في قتال الاعداء والطامعين حتى قُتل وهو مطمئن إلى مصيره ، حيث قال : «فزت ورب الكعبة» ، بعكس الخلفاء من قبله الذين كانوا قلقين عند الموت ، خائفين من مصيرهم بعد الاستحواذ على الخلافة ، وما تخللت عهودهم من انحرافات وتجاوزات على النصوص الدينية ، هذا هو رأي الشيعة عن موقف عليّ من الحُكم.
وبعد مقتل عليّ بن أبي طالب ، تم تجريد باقي أئمة اهل البيت من الخلافة أيضاً ، وظلّوا أئمة يوجّهون شيعتهم في ظل حكّام العهدين الأموي والعباسي ، اللذين شدّدا الحصار على آل البيت وأئمتهم وذويهم ، وأقدما على إجهاض أية حركة كانت تقوم
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تحقيق صبحي الصالح : ٤٩.